ما الفرق بين جهاد الدفع وجهاد الطلب؟
وهل يشترط في جهاد الدفع؛ الراية والإمام الممتنع؟
وهل تعتبر قوات التحالف في العراق عدوا صائلا علينا، أم هم كما قال تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين}؟
وهل من الأفضل لنا في الوقت الراهن في العراق أن ننشغل بتعليم الناس شؤون دينهم والتوحيد أم ننشغل بجهاد الغزاة المحتلين لبلادنا؟
نرجو الإجابة المفصلة والنصح، حتى لا يفوتنا خير يريده الله تعالى بنا أو سوء نتجنبه بإذن الله تعالى، وجزاكم الله خيرا.
* * *
الجواب:
الحمد لله رب العالمين.
جهاد الدفع: هو أن تدفع عدوا كافرا سواء كان كفره أصليا أم من جهة الردة صال على بلاد وحرمات المسلمين.
وهذا النوع من الجهاد واجب على جميع المسلمين الذين ينزل بساحتهم وديارهم العدو الصائل، فإن لم يكفوا لرد العدوان تعين واجب الجهاد على من بجوارهم من المسلمين إلى أن تتحقق الكفاية لرد عدوان المعتدين عن البلاد وحرمات العباد.
وهذا النوع من الجهاد لا يشترط له إماما عاما ممتنعا ولا جماعة، فإن وجد الإمام أو الجماعة فهذا خير وهو الأفضل، وإن لم يوجد شيء من ذلك نفر للجهاد كل امرئ بنفسه وما يملك.
وعن الراية؛ فإن عدمت الراية الإسلامية العامة التي تجمع جميع الناس تحتها كان لكل جماعة أو حتى فرد رايته الخاصة به؛
وصفتها: أن يعلن ظاهرا وباطنا أنه إذ يرد العدوان ويزود عن الدين والحرمات والأوطان إنما هو بذلك يجاهد في سبيل الله تعالى وحده، طاعة له تعالى وابتغاء لمرضاته، لكي تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى.
أما جهاد الطلب: هو أن يطلب المسلمون العدو الكافر في بلادهم وديارهم، وهذا النوع من الجهاد اشترط له بعض أهل العلم الدولة والإمام العام، والراجح عندي أنه ليس شرطا وأن جهاد الطلب يصح بدون وجود الدولة أو وجود الإمام العام، لجهاد أبي بصير ومن معه منفردا ومستقلا عن الدولة والإمام العام، وطلبه لقوافل قريش خارج حدود الدولة المسلمة المتمثلة يومئذ بالمدينة المنورة ومن دخل في حلفها وأمانها من قبائل العرب، والتي كان بينها وبين قريش في مكة ومن دخل في حلفها من قبائل العرب، عهدا وصلحا سمي بصلح الحديبية.
أما سؤالك عن قوات التحالف المجودة في العراق:
أقول: هي قوات غازية صائلة ومحتلة لبلاد المسلمين، تعيث في البلاد فسادا وخرابا، لا يجوز الشك ولا التردد في وجوب جهادها ودفعها وردها إلى حيث جاءت منه، وهذه القوات الغازية المحتلة لا يحمل عليها قوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين}، وإنما يحمل عليها قوله تعالى: {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}، وقوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم}، وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين}.
وهنا أجدني مضطرا للقول محذرا ومنبها: لولا أن الله تعالى سخر للعراق هذا الجهاد والمقاومة اليومية للغزاة المعتدين، الذي عطل على الغزاة المحتلين كثيرا من أهدافهم وطموحاتهم ومخططاتهم الخطيرة، لوجدتم يا أهل العراق نساءكم سبايا، وصيدا سهلا تترامى في أحضان جند الغزاة الأمريكان، فاحمدوا الله أن هدى فئة منكم للجهاد، وكونوا عونا لهم بدلا من أن تكونوا عونا وعينا لعدوهم عليهم!
وأيهما يقدم الدعوة إلى الله وتوحيده أم الجهاد في سبيل الله؟
أقول: لا تعارض بين الأمرين ولا بين العمل بالأمرين معا؛ ففي ظروف كظروف العراق ينبغي أن يسير الجهاد في سبيل الله والدعوة إلى التوحيد جنبا إلى جنب، ويكون كل منهما مددا وسببا لوجود الآخر، فكما أن الجهاد لا يمكن أن يمضي إلا بالتوحيد والموحدين، كذلك التوحيد يحتاج إلى جهاد يحميه ويحمي أهله ويترجمه إلى عمل يدب على أرض الواقع.
والله تعالى أعلم