أوجه هذا المقال إلى اليهود في فلسطين المحتلة، لذا آمل ممن يقرأ المقال ممن لديه القدرة على الترجمة بأن يترجمه إلى اللغة العبرية وكذلك الانجليزية والروسية والفرنسية؛ لأن الكثير من اليهود في فلسطين لا يتقن اللغة العبرية!
لقد جاء اليهود إلى هذه الأرض "فلسطين المحتلة" أملاً في الحصول على فرص للعمل والعيش برفاهية ورغد، ولكنهم اليوم يرون تهاوي كل تلك الأحلام، ويرون الأزمة الاقتصادية تعصف بهذا الكيان، ويكفي أن نعرف بأن مركز الإحصاء المركزي الصهيوني كشف مؤخراً أن أكثر من 30% من الصهاينة يعيشون تحت خط الفقر، والكل يعلم أن الأزمة في الكيان الصهيوني هي أعمق من قضية الفقر وارتفاع الأسعار وانتشار الجريمة والفساد والرشوة.
لا يمكن العيش بأمان في هذا الكيان، فإن تأخر أحد بالعودة إلى بيته، ظن أهله أنه مخطوف من قبل المقاومة الفلسطينية، وشرع الكل بالبحث عنه، وإن سُمع انفجار ما، ظن الجميع أنه انفجار بسبب عبوة للمقاومة الفلسطينية، رعب في كل مكان وفي كل زمان، ما أن تهدأ جبهة الشمال، حتى تشتعل جبهة الجنوب.
وأما الصواريخ التي استطاعت المقاومة تطويرها أو صناعتها أو استيرادها فلم تعد تجدي معها كل الوعود بإمكانية التصدي، بل على العكس فإن مدى ودائرة استهدافها تزادد يوما بعد يوماً، فبينما كانت تهديدا للمستوطنات بمحيط قطاع غزة صارت تهديداً للمدن الرئيسة كلها بلا استثناء.
لقد بقيت حدود الكيان آمنة لمدة من الزمان، ولكننا اليوم نشاهد تهاوي الجدر التي كانت تؤمن للكيان تلك الحدود وتوفر له الحماية، إنها شعوب حرة شجاعة رأيناها كيف واجهت كل أشكال القمع وصمدت حتى حققت ما تريد، في كل ساحة يرفعون العلم الفلسطيني وفي كل ميدان يرددون هتافات الزحف نحو القدس المحتلة.
أما صورة الكيان فهي صورة بشعة قبيحة، ألا ترى أن اليهودي يخفي هويته في الخارج ولا يريد أن يعرف الناس أنه ينتمي لهذه الدولة، ألا ترى أن صورة الكيان مرتبطة بالقتل والتدمير والإفساد واللانسانية، قطاع غزة الذي تم حصاره لخمس سنوات بحجة إنقاذ الجندي جلعاد شاليط كان دعاية ضد "إسرائيل" تظهر وحشيتها وإجرامها، وأما الحرب على غزة فيكفي أن نتذكر المظاهرات التي هبت في كل أنحاء العالم ضدها.
جيش فاشل وكذلك الاستخبارات والمخابرات لا "الموساد" ولا "الشاباك" ولا "الشين بيت"، ولا الحلفاء لديهم القدرة على استعادة جندي واحد، كل هؤلاء رضخوا للمقاومة وشروطها، المقاومة لن تكون في الغد إلا أقوى كلنا نعرف ذلك.
لقد كان النشطاء الصهاينة أكثر واقعية عندما خرجوا بمسيرة حملوا خلالها راية الاستسلام البيضاء ودعوا إلى استبدالها بالعلم "الإسرائيلي" بعد تنفيذ صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس.
على كل يهودي مقيم في هذا الكيان أن يختار أحد الطريقين إما أن يفعل كـ "سيمو ابرهيمى" والد أحد الجنود الصهاينة الذين قتلوا خلال انتفاضة الأقصى الثانية، وأعلن أنه سيفتح حداداً مرة أخرى بعد مضي أكثر من عشر سنوات على مقتل ابنه "يوسى" وجندي أخر، احتجاجا على إطلاق سراح الأسير عبد العزيز صالحة أحد المشاركين في عملية قتلهما، فمن أراد البقاء عليه أن يفتح الحداد على نفسه اليوم.
وأما الخيار الثاني وهو الأسلم وهو ما قررته عائلة "مائير سيحوردر" بالعودة إلى هولندا – مسقط رأس العائلة – احتجاجا على إطلاق سراح أسرى فلسطينيين في إطار صفقة شاليط من ذوي العلاقة بمقتل عائلته في 2001م.
أنا شخصياً على استعداد لدفع تكلفة تذاكر المغادرة النهائية من فلسطين المحتلة للعائلة اليهودية التي تقرر المغادرة بعد قراءة هذا المقال، ومن أراد البقاء فعليه مواجهة الشعوب الإسلامية الغاضبة والتي لن تستطيع أي قوة مواجهتها أو الوقوف في وجهها وهي التي تستمد قوتها من القوي الجبار المنتقم، فاليوم نحرر الأسرى وغدا المسرى بإذن الله.